بسم الله الرحمن الرحيم
_____________
فتن واهواء
______
الحمد لله الذى انزل على قلب نبيه القران ، وعلمه التبيان ، ومنحه فصاحة اللسان ، حتى ساد من قبله ومن بعده من فرسان البلاغة والخطابة والبيان ، فكان نطقه مصونا عن الخطأ والزلل والنسيان وبعد: فان المتأمل فى زماننا هذا يجد ان الفتن فيه قد زادت والاهواء فيه قد اتبعت ولذلك اردت ان اطمع فى الاجر على التذكرة ببعض هذه الفتن والاهواء حتى نتجنب الوقوع فيها والانسياق ورائها والله من وراء القصد:
1-فتنة الشيطان وقسمه الكاذب:
قال الله تعالى (وقاسمهما انى لكما لمن الناصحين -21- فدلهما بغرور) الاعراف 21-22.
معنى الايه : ان ابليس - عليه اللعنه - غر سيدنا ادم باليمين الكاذبه ! وكان ادم عليه السلام يظن ويعتقد ان احدا لايحلف بالله كاذبا.
وابليس اول من حلف بالله كاذبا فلما حلف ابليس ظن ادم انه صادق فاغتر به!
ولله در القائل :
انى بليت باربع ترميننى ,,,,,,,,,,,,,,,,, بالنبل قد نصبوا على شراكا
ابليس والدنيا ونفسى والهوى ,,,,,,,,,,,,,,,, من اين ارجوا بينهن فكاكا
يارب وفقنى لعفوك اننى ,,,,,,,,,,,,,,,, اصبحت لا ارجو لهذا سواكا
فدلاهما بغرور اى حطهما عن منزلتهما من العلو وهو : الجنة الى السفل وهو:الارض بغرور منه .
(فوسوس اليه الشيطان قال يآدم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى -120-فاكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى -121- ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى -122- قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما ياتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى -123- ومن اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى -124-) طه 120 -124.
خطبته فى اهل النار :
وورد عند قوله تعالى ( وقال الشيطان لما قضى الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وماكان لى عليكم من سلطن الا ان دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا انفسكم ماانا بمصرخكم وماانتم بمصرخى انى كفرت بما اشركتمون من قبل ان الظالمين لهم عذاب اليم) ابراهيم -22.
ومعنى قضى : اى فرغ منه ، بان دخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار فياخذ اهل النار فى لوم ابليس وتقريعه وتوبيخه ، فيقوم فيهم خطيبا فيوضع له منبر من نار فى النار ، فيجتمع عليه اهل النار يلومونه ، فيقول لهم هذه الكلمات !
غروره للمشركين :
( واذ زين لهم الشيطان اعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وانى جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال انى برئ منكم انى ارى مالاترون انى اخاف الله والله شديد العقاب) الانفال 48.
غرهم -عليه اللعنه- فى بدر حتى ساروا وسار معهم منزلة منزله ومعه جنوده وراياته فاسلمهم الى مصارعهم !
فلما راى الجند والملائكه تنزل للنصر ، وعاين جبريل ، نكص على عقبيه ! وهذا قوله تعالى (كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال انى برئ منك انى اخاف الله رب العالمين ) الحشر 16
فعلينا معاشر الاخوة الكرام الا نغتر بوسوسة هذا الكاذب ولنعلم يقينا اننا اقوى منه بايماننا بالله عز وجل وتمسكنا بكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم والا ندع فرصه لهذا الكاذب ان ينال منا او يغتنم منا معصيه واذا فعل فليكن رد فعلنا اقوى واقوى الا وهو التوبه والانابة لله جل وعلا.
2-فتنة الدنيا :
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :يقول الله تعالى : يابن آدم تفرغ لعبادتى املأ صدرك غنى ، واسد فقرك ، وان لا تفعل املأ يديك شغلا ، ولم اسد فقرك ) رواه الترمذى.
من مظاهر تربية النفس:
عن عبد الله بن ابى بكر رضى الله عنهما ، ان ابا طلحه الانصارى رضى الله عنه كان يصلى فى حائط له فطار دبسى فطفق يتردد ويلتمس مخرجا فلا يجد !
فاعجب ابا طلحه ذلك ، فتبعه ببصره ساعه ،ثم رجع الى صلاته ! فاذا هو لايدرى كم صلى؟.
فقال : قد اصابتنى فى مالى هذا فتنه ! فجاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم! وذكر الذى اصابه فى صلاته ، وقال :يارسول الله "هو صدقه فضعه حيث شئت" اخرجه مالك.
وقد روى الامام احمد فى مسنده عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال " من احب الدنيا اضر بآخرته ، ومن احب آخرته اضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على مايفنى "
فهما متضادتان :
كالضرتين ، مهما ارضيت احداهما سخطت الاخرى.
وككفتى الميزان ، مهما رجحت احداهما خفت الاخرى.
وكالمشرق والمغرب ، مهما قربت من احدهما بعدت عن الاخر.
وكقدحين ،احدهما مملوء والاخر فارغ ، فبقدر ماتصب منه فى الاخر حتى يمتلئ يفرغ الاخر.
وعن انس رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت الدنيا همه ن جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم ياته من الدنيا الا ماقدر له ، فلا يمسى الا فقيرا ، ولا يصبح الا فقيرا ، ولا اقبل عبد على الله بقلبه ، الا جعل الله قلوب المؤمنين تنقاد اليه بالمودة والرحمة ، وكان الله بكل خير اليه اسرع ".
3-فتنه القبر:
روى عن هانئ مولى عثمان بن عفان قال : كان عثمان رضى الله تعالى عنه اذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته.
فقيل له :تذكر الجنة والنار فلا تبكى ؟ وتذكر القبر فتبكى؟!
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"القبر اول منزل من منازل الاخره ، فان نجا منه فما بعده ايسر ، وان لم ينج منه فما بعده اشد منه "!
وقال صلى الله عليه وسلم "مارايت منظرا قط الا والقبر افظع منه "
قال هانئ :سمعت عثمان ينشد :
وان تنج منها تنج من ذى عظيمة ،،،،،،،،،،،،،،، والا فانى لا اخالك ناجيا
وعن على رضى الله عنه قال :مازلنا نشك فى عذاب القبر حتى نزل قوله تعالى "الهاكم التكاثر -1- حتى زرتم المقابر) التكاثر 1-2 اخرجه الترمذى.
وقد روى الشيخان انه صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال "انهما يعذبان ومايعذبان فى كبير ، كان احدهما لايستبرئ من بوله وكان الاخر يمشى بالنميمه "
قال الله تعالى "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون اشد العذاب"